أهيب بقومي
إلى بعض مذيعات بني يعرب!
فائز بن موسى البدراني الحربي - جريدة الجزيرة السعودية
(الحرة تجوع ولا تأكل بثدييها).. أتذكّر هذا القول كلما نظرت إلى الكثير من مذيعات بني يعرب على شاشات القنوات العربية، وهن يتنافسن بعرض أكبر قدر ممكن من أجسادهن، ويتبارين في إظهار أجزاء من أثدائهن..
إذا كان هذا التنافس تفرضه متطلبات الوظيفة التلفزيونية فعلى ذلك المثل العربي السلام، لأن عرض الأجساد بتلك الصورة يعني أن الحرة قد تحتاج لثدييها كي تجلب الجماهير لقناتها وتنجح في وظيفتها.. والمصيبة أن عدوى هذه الظاهرة لم تقتصر على المذيعات والممثلات، بل انتقلت إلى الكثير من نسائنا في بيوتهن واحتفالاتهن؛ فأصبح إظهار أكبر قدر من الجسم موضة تتبارى فيها النساء في المناسبات والاحتفالات (الحريمية) مثل حفلات الزواج وما شابهها، حيث يظهر بعضهن في الفرح بصورة تخجل حتى بنات جنسهن..
لا أجد تفسيراً لهذه الظاهرة إلاَّ التقليد الأعمى، وضعف الحياء، والتساهل بتعاليم الدين، وتخاذل أولياء الأمور الذين لم يبق من عروبتهم إلاَّ مفاخرات قبلية لا تستند على مكانة عربية عالمية تبعث على الفخر والاعتزاز في زمن التبعية والانهزام السياسي والأخلاقي، إلاَّ من حفظه الله بعصمة من دين أو بقية من حياء.. والمصيبة أن يوجد هذا في مجتمعنا السعودي خاصة.. فلا العروبة عروبة، ولا الدين دين، ولا الحرة حرة إلاَّ من رحم ربك.. ولست أعمم هنا، فهناك فئة من نساء العرب والمسلمين - بحمد الله - لا ينتهجن هذا النهج، ولا تستهويهن هذه الموضة الدخيلة على مجتمعنا.. فهن يدركن أن التستر ليس تخلفاً، وأن التعرّي ليس تقدماً، وأن المرأة المسلمة زينتها الحياء، وجمالها الحشمة، ووقارها في اللباس الإسلامي المعتدل الذي هو حالة وسط بين التعرّي الظاهر، والتستر المتكلّف.. كما يدركن أيضاً أن ما نعيشه من نعمة ورغد في العيش يوجب علينا أن نقابله بالشكر والعرفان لا بالجحود والنكران، وأن ما نحن فيه من بحبوحة من العيش ليس مضمون الدوام، ولا مأمون الزوال، وما أجمل قول أبو الفتح البستي (ت 400هـ):
لا تحسبن سروراً دائماً أبداً
من سرَّه زمن ساءته أزمانُ
وكل كَسْرٍ فإن الله يجبره
وما لكسر قناة الدين جُبرانُ
وأخيراً؛ فإنه من الإنصاف أن نشيد بمذيعات عربيات مسلمات أصبحن مضرب المثل في الحياء والحشمة، كما أنه من العدل والإنصاف أيضاً أن نشيد بسلوك المذيعات المسلمات في القنوات الشيعية، فيجب أن لا يمنعنا اختلاف المذهب من قول الحق والإشادة بأولئك المذيعات اللاتي التزمن بلباس إسلامي محتشم، أضفى عليهن الكثير من الاحترام والوقار :
فمن تكن حلة التقوى ملابسه
لم يخش في دهره يوماً من العطلِ